القفز فوق الصمت " قصة قصيرة "




لم يتفقا علي لقاء ، نوازع نفسية ورغبات متبادلة مهدت ان يفرا من الضجيج الذي يصاحبهما ويلتقيا
احتملتهما الشوارع وخبأتهما تحت وهج الشمس الحارق .... صارا يحتميان بظلال الابنية الشاهقة ........... كانت المرة الاولي لهما ... ترقب وحذر شديدين يدفعهما للصمت ، ينتظر كل منهما براعة الاخر في الحديث . انفعالات وجدانية تختزلها النظرات الخاطفة في حياء شديد الي رغبة تسري في الاوصال ومحاولات للاقتراب والتلامس.
... ... .... ثلاثة ... اربعة ... خمسة شوارع دون كلمة ، دون همسة .. دون ان يعرفا الي اين المسير !! كان الصمت يرفرف بأجنحة الهيبة عليهما ، والافكار مع الخطي المتلاحقة تكتسب موقعا جديدا

قطع الصمت وهمس في اذنها : لنسترح قليلا
اومأت برأسها دون تردد فأكتسبت شجاعة بفعالية اكبر من الهمس فأمسك بساعدها كأنما يساعدها علي عبور الطريق أو وعورته

ارتعشت اوصاله ، سرت بجسديهما قشعريرة ، سحب يده سريعا والتزم الصمت عن مجرد التلامس
ثمة شيْ يوحدهما  ،  النظرات التي يتبادلانها توحدت في معانيها ... تدرجت في عمقها لتكشف مزيجا هائلا بداخلهما من الحزن والحب... الطهارة والرغبة ... الصمت والصمت ! كأن الصمت ينبوع لحب لا ينتهي لا يجف الا عندما يخرج الكلام من دائرة الكلام المعتادة

انهما يفكران – فقط يفكران – همسا وجدانيا يقبض بتلابيب القلوب خوفا من الكلام ثم يذوب في سكرة حب لم يبوحا به

والان يجلسان وحيدين وجها لوجه ... حكايتهما ... ذكرياتهما مع الصمت وجها لوجه... دقات قلبيهما وجها لوجه... استعدادت فطرية للقفز فوق الصمت

لماذا الصمت ؟! همست لنفسها فلم تسمع الا اصداء من ذكريات ماضية تلذذت بها واحست بالمستحيل اسوارا عالية من هموم وتجارب واحزان تخفي عن الاعين " الانسان بداخلها "
احست فألتزمت الصمت
لماذا الصمت ؟! نساء كثيرات دخلن من بوابة الشهوة وخرجن من حياتة دون ان يدركن شيئا عن ، والان يلتزم الصمت امام من اوقفتها اسوار احزانه ووقفت تتأمل فيها
.....
بعد قليل فيما يبدوا تنتهي مواجهة الصمت بالصمت وينتهي اللقاء فلا يتواعدان ( 







احساس جديد ، ومحاولة للقفز فوق الصمت )

لماذا الصمت ؟! قالت له ... نطقت داخل حدود الصمت
ابتسمت عينيه الضيقتين خلف نظارته وانكفأ بوجهه الي الارض ثم حملق في وجهها ... واقترب منها
وقال : الصمت افضل ما دمنا سويا . ألا تخشين عواقب الكلام ؟
احست من كلماته بما تفكر فيه ، لكنها تجاوزت النطاقات المحتملة للصمت وقالت :
هنالك حلقة مفقودة
استقرت عينيه في وجهها ، ابتسمت قسمات وجهه وهو يقول
انها حلقات لا حلقة واحدة هي التي تفصل بيننا
حلقات سبع لا ترينها مثلما السموات سبع يوحدها قصر نظرنا
ادركت ما يعنيه فحكايتهما لا تحتمل اكثر من التلميح ... دارت حول الكلمات التي قيلت ...رتبتها : السموات السبع يوحدها قصر نظرنا ، السموات السبع وضعتنا كل في طريق....لك دينك ولي دين ... السموات السبع لا ترضي ان يفرقنا دين
رقصت لؤلؤة الحب في قلبيهما ، ومضت اشعاعات ذكية في عينيه ..... احسا سويا انهما اتفقا علي كل شيْ بتلك الكلمات المعدودة ... وظلا يرددانها
:السموات السبع يوحدها قصر نظرنا ، السموات السبع وضعتنا كل في طريق....لك دينك ولي دين ... السموات السبع لا ترضي ان يفرقنا دين
سارا قريبين في شوارع العودة
كانت الشمس مائلة للغروب ونسمة هواء رطبة تفتح الافاق لمزيد من الخيال للعاشقين ... بدءا يتحدثان ..... انقطع الصمت – فيما ظنا – بغير رجعة ... تهامسا ... تعانق راسيهما بعد قلبيهما ... وعندما اقتربا من نهاية اللقاء
اتفقا علي اسم مولودهما الاول ( سماح ) وتواعدا علي لقاء
...... ومرت الف ليله وليلة ، مر موعد اللقاء بدون لقاء ، وعاد الصمت اقوي من حيرة السؤال ودهشة الجواب 
تكورت الدنيا وتدحرجت لقاع اليأس .... اكتسبت احزانة واحزانها شجاعة فوق اليأس وهما يردد ان السموات السبع يوحدها قصر نظرنا ، السموات السبع وضعتنا كل في طريق....لك دينك ولي دين ... السموات السبع لا ترضي ان يفرقنا دين

محمد عفيفي



ليست هناك تعليقات: