حمار العم برعي


حمار العم برعي الاكثر وطنية وكفانا الله شر الخائنين والحكام
ولمن يهمه الامر فأن الحرافيش لم يكونوا من المتعلمين والمثقفين فقط بل كانوا من الناس البسطاء  والفقراء  وربما من الناس الذين يعانون الجوع ولا يجزعون ويعانون البؤس ولا ييأسون  ، الحرافيش علي امتداد تاريخهم يرتبطون بالارض ( الوطن )ويستبسلون في الدفاع عنها ويعرفون اكثر من غيرهم معني الشرف والكرامة والعزة وهم موقنون ان الارزاق بيد الله سبحانه وتعالي فلا يطلبوا رزقا من أحد غيره
.........  ويحكي ياسادة ياكرام ولا يحلا الكلام الا بذكر النبي عليه افضل الصلاة والسلام يحكي أن
عربجيا  بعربة خشبية متصدعة وحمار عتيق كانا يسكنا مع صحبة عريضة من الفقراء ( زريبة )  من الزرائب التي كانت بالقرب من حي  الجامع الازهر ... وكان اهل الزريبة جميعا مقهورين محكومين من ذلك الجزار الذي كان يتحكم في كل سكان الزريبة  ،  هناك اقاويل متعددة بشأن هذا الجزار هناك من يقول انه فعلا يحكم الزريبة وهناك من يقول انه سيطر عليها بوضع اليد  وهناك من يقول انه يتحكم فيها بقوة الساطور... اقاويل متعددة لكنها تتفق في ان هذا الجزار بصدد توريث الزريبة بمن فيها من بشر وبهائم الي ابنه ، وكان ابنه ابله غليظ القلب ، وكل مؤهلاته انه ابن الجزارة  وان جمعا من الصبية الطامحين يحيطون به  للاستفادة من سلطة الاب الجزار
وكان لهذا الحمار ( بتشديد الميم )زوجة طيبة مريضة بداء السل ، ويخرج " العم برعي " كل يوم بحماه طالبا لها  وللحمار واخيرا له الرزق........... واذا قدر لك ان تري العم برعي فستري رجلا معجون بالفقر الازلي للمصريين ، معجون بالبؤس والشقاء... وزوجته مريضة بالسل لا تقوي علي الحركة والفعل عندما تسعل تنزف رئتيها دما وبالرغم من ذلك فأن العم برعي يحبها جدا ولا يطلب منها ما لا تقدر عليه
.............عندما يعود العم برعي من عمله بصحبه الحمار تنهض الزوجة المريضة  وتسرع الي الحمار تقدم له الطعام والشراب قبل ان تقدمه لزوجها ، وفلسفة ذلك بدون فلسفة ان الحمار قبل زوجها هو مصدر رزقهم ويجب الاهتمام به ، برعي وزوجته يقدران فضل الحمار بما يبذلة جهد كل يوم في حمل الاثقال وجر العربة .
 وينام برعي بجانب زوجته وينام الحمار خارج الباب .
وماتت الزوجة المريضة  وبكي برعي زوجته  وتعثر في شراء كفن ليواريها حسب الشرع لولا تدخل فاعل خير .
بعد وفاة الزوجة توطدت العلاقة اكثر بين برعي والحمار فقد اصبحا ينامان سويافي حجرة واحدة وربما يأكلان سويا ، اصبح الحمار هو كل شيْ في حياة العم برعي وأصبح برعي هو كل شيْ في حياة الحمار وألت نفسيهما الا يتفارقا  الا بالموت
...............
وحدثت مفاجأة ذات يوم عندما اقتحمت قوات الأمن الزريبة ، وكانت المفاجأة التي جنت جنون أهل الزريبة وكل الزرائب المحيطة بها  ، تم القبض علي العم برعي بطريقة همجيه لا يتعامل بها برعي مع حماره ، قبضت قوات الأمن علي العم برعي   وكما هي العاده من زمن لم يعرف أحد شيئا عن العم برعي ولا ا]ين ذهب.... ولم يهدأ الناس من أهل الزريبة إلا عندما عرفوا أن برعي كان عضوا بارزا في حركة النضال الوطني ضد الانجليز ومن والاهم وانه كان يستعين بحماره في التمويه وكان ينقل المتفجرات إلي الفدائيين  لتدمير معسكرات الاحتلال...  قبض الأمن علي العم برعي وتركوا الحمار وحيدا، لكنه الوفاء العظيم من الحمار إذ أصابته هستيريا جعلته يتمرغ في تراب الزريبة إلي أن فاضت روحه
رحم الله العم برعي ورحم الله زوجته ورحم الحمار فقد أعطوا درسا لنا لن ننساه في التحمل والبؤس والوطنية...................  ومرت السنين وعرف أهل الزريبة أن الجزار الذي يتحكم هو وابنه في أهل الزريبة هو ذلك الخائن الذي وشي بالعم برعي لمجرد الاشتباه به
..........  ومرت سنين أخري وما أشبه الليلة بالبارحة فما كان يحدث في زرائب مصر أصبح يحدث في مصر كلها ، الفارق الوحيد أننا تحررنا من الاستعمار الانجليزي
تذكرت قصة العم برعي وحمار العم برعي ... هذا الحمار الأصيل الذي اثبت انه أكثر وطنية من الجزار صاحب الزريبة ومن أبن الجزار صاحب الزريبة ومن كل هؤلاء الصبية الذين يحيطون بهذا الصبي الأبله ابن الجزار... ولا زالت القصة  التاريخية في ذهني وان كنت  قد فتشت كثيرا لاتبين هل تم توريث الزريبة لابن الجزار ..سؤال لم احصل علي إجابته من قراءاتي لتاريخ الزرائب لآن كل الروايات كانت تركز علي العم برعي ودور الحمار في النضال الشعبي ولم تكن تركز علي التوريث او علي نظام الحكم

ورحم الله العم برعي

ليست هناك تعليقات: