حكايات الحرافيش ( 1 )



حكايات الحرافيش حكايات ظريفة تستهوي الكثير من الادباء والكتاب  ، كما تستهوي من يقرأون التاريخ علي سبيل التلذذ من حكاياتهم وقصصهم .... ومن منا لا يتمتع بأعمال عبد الله النديم وبيرم التونسي وأخيرا احمد فؤاد نجم والراحل العظيم " الشيخ " امام  ، كل هؤلاء كانوا حرافيشا !!  وكل هؤلاء تتجسد فيهم وفي كتاباتهم معاني الوطنية وحب الناس والاشياء  ، وهم في سبيل حبهم لبلدهم وللناس لا يعبأون بكل مايحدث لهم ، كم مره سجن وشرد عبد الله النديم وبيرم التونسي والشيخ امام واحمد فؤاد نجم ... سجنوا وشردوا فما استكانوا ، يخرجون من السجن فيكونوا اكثر وطنية فيعودون للسجن مرة ثانية ، يجوعون فلا يلتمسون الطعام عند الحكام فيتحولون الي منافقين ... لم يكسب احدا منهم قصرا في الساحل الشمالي مثل رؤساء تحرير الزمن الاسود الاغبر الذي نعيشة الان
وواضح ان لآسم الحرافيش وقع خفيف بسيط علي من يطلق عليهم ، وكما يقفز الي ذهنك الان فهم من ذوي الالسنة المتطاولة اللاذعة التي لا تخشي في قول الحق لومة لائم ، وهم لا يتركون موقفا دون تعليق سليط ولاذع يبقي محفورا في ذاكرة الناس لسنين وسنين ن  والحرافيش ليضا لا يعنيهم ان يكونوا في ميسور العيش أو ضنك الحياة ومضايقات الحكام..... انهم ببساطة رمز للبؤس حين يولد في الانسان ويكبر ويترعرع عليه وهو يفكر في وطنه وناسه ومجتمعه
...................
ولست اجزم ان هؤلاء دون غيرهم هم الحرافيش فقد بحثت في قواميس اللغة فلم اجد أصلا لغويا لهذه الكلمة وكذلك فتحت كتب التاريخ فلم اصل الي المعني الكامل للحرافيش ووصلت  الي حقائق كانت تغريني ان اكون حرفوشا
.......................


سنة 1971 كنت طالبا بالفرقة الاولي بتجارة القاهرة وقرأت علي الحائط مجلة تحمل أسم " الحرافيش " ... والحق يقال ان المجلة ظلت عالقة بذهني .. وسوف تظل  ، كان للمجلة اسلوبها المميز وموضوعاتها الخطيرة الشيقة في ان واحد ، كانت تتحدث الي الطلاب بلغة دارجة بسيطة مألوفة سهلة  لدرجة انك تحسبها احاديث ارتجالية لرجل يتحدث معك وجها لوجه في شئون الدنيا دون ان  تترفع عليك وتعطيك الاحساس انها تعلم وانت الجاهل .. لا تشعرك أنها مجلة لآنها تعبر عن كل مايجول بخاطرك وذهنك ..... صحيح انها مجلة " قليلة الادب " وانت رجل مؤدب ت}ثر السلامة ، وصحيح انها تشتم كل مسؤول غير مسؤول لما يسببه من انتكاسات ومصائب وانت رجل يمشي جنب الحيط طلبا للسلامة.... صحيح انها مجلة تهوي الفضائح السياسية لكبار المسؤوليين  وما اكثرها في الزمن الحالي قبل الماضي.... بأختصار الحرافيش مجلة  تشعرك بكل ما بداخلك ولا تقوي او تجبن علي الافصاح عنه وتردك الي فضيلة او حق ضائع دون ان تترفع عليك
المهم انني انبهرت  بالمجلة لخفة دمها وتمنيت ان اكون محررا ضمن محرريها او حرافيشها ... وانتظرت صدور اعداد جديدة من المجلة فلم تصدر ؟ !!!!! وعرفت ان كل محرريها بالسجن  بتهمة اثارة الشغب في نفوس الهادئين القانعين  ، وكأي  مواطن مصري يسير جنب الحيط سرت بعد ذلك شهورا لا أفرأ الحرافيش ولا أتتبع اخبارها وأخشي مجرد السؤال عنها .... ولآن الحرافيش مجلة تعرف خبايا نفوس الطلاب فقد أصدرت عددا ممتازا تتحدث فيه عن السلبية ، وهي حين تتحدث عن السلبية تجد كل مافيها عن السلبية .. المقال والنكتة والقصة القصيرةوالفكاهة.. تجد كل ذلك يتحدث عن السلبية... وبمجرد ان قرأت المجلة قررت ألا اسير بجانب الحيط وانما في عرض الطريق وطوله
كتبت  للحرافيش اخيرا ، كتبت وذهبت اليهم طالبا النشر في مجلتهم التي احببتها  ، وبعد القليل من المماحكات قبلوني محررا اكتب معهمواصبحت اخيرا من زمرة الحرافيش
.............
كان محرري الحرافيش يمثلون كل شرائح المجتمع  من فقراء واغنياء ومتوسطي الحال ... وبعضهم من بيئات بسيطة متواضعة وبعضهم ابناء لآعضاء في مجلس الشعب ووزراء  ، لكنهم جميعا يملكون قلوب ميته في التحدي وتجد فيهم تخبة نادرة من المثقفين ، من هو قاريْ جيد للتاريخ ومن يفهم جيدا في  الاقتصاد السياسي ، ومن يجيد فنون القصة القصيرة.. مواهب متعددة يجمعها حب الوطن والناس والاشياء وفي حبهم لا يخافون ولا ينافقون ولا .....( انت عارف كنت ناوي اكتب ايه )
ويحكي ياسادة ياكرام أن حرفوشا منهم تم اعتقاله بتهمة محاولة قلب نظم الحكم في عدة دول عربية  ، ويومها نشر الخبر في جريدة الاخبار بعنوان القبض علي تنظيم من 11 طالبا يهدف الي قلب نظم الحكم في عدة دول عربية....ومن الواضح انها تهمة لا تخلوا من الطرافة والسذاجة والبلاهة اذ كيف يمكن لـ 11 طالب لن يقلبوا نظام حكم في عزبة وليس في عدة دول عربية
وجدت ذاتي مع الحرافيش ووجدوا في العبد لله حرفوشا يزداد حرفشة يوما بعد يوم وكتبت في الحرافيش الاوضاع المنكوبة في مصر المنهوبة [ سأعيد نشره بعد 30 سنة ] والاوضاه المهببة في مصر الملهلبة  [ سأعيد ايضا نشرة ]ثم أصبح لي بابا ثابتا اتحدث فيه عن الحرافيش من مصر المملوكية ال مصر ......؟!!
وقد دل هذا اباب علي اني أصبحت حرفوشا علي درجة من المعرفة بنضال الحرافيش عبر الازمنة ورشحني هذا الباب الي لن احصل  من بقية زملائي علي لقب " الحرفوش الاكبر " ... ث/ اخيرا اصبحت رئيسا لتحرير الحرافيش  ومن رحمها ولدت جريدة الطناش والتي كتب رئيس تحريرها في افتتاحيتها " نحن ننظر الي الواقع بعين واحدة " وكانت لمسة ظريفة لا تخلوا من الرمز اذ ان رئيس التحرير كان فعلا أحول النظر
وعزفت الموسيقس الحماسية في الحرافيش والطناش  وتطاولنا علي كل مسؤول عير مسؤول حتي اقتربنا من المسؤول الاكبر ونسيت نفسي واعتقدت ان الحرفوش الاكبر يمكن ان يناطح المسؤول الاكبر وأحمد الله وأشكر فضلة انني كتبت للحرافيش سنتان من عمري لم اتحول فيهم لمجلس تأديب سوي 10 مرات فكانت بذلك مهمة صعبة تحتاج الي دراية بفنون الكتابة
............
وبعد 30سنة من التخرج من الجامعة يراودني الحنين الي الحرافيش .... هذا الحنين سببه اننا فقدنا الكلمة الصادقة  في هذا الزمن ، فقدنا الكلمة التي تخرج من القلب فلآ تبتغي الا وجه الله وقلب الحقيقة ، أصبحنا في زمن يتحكم اصحاب المليارات والفضائيات  في الرأي العام ويوجهونه الي حيث يبتغون  ... والنتيجة غياب المثقفين الواعيين بمشاكل بلدهم ،
          وأخيرا وصلنا الي مانحن فيه
...............
هذه السلسلة من الحرافيش تأتي امتدادا الي ماكتبته قبل 30 سنه  ومين فات قديمه تاه


ليست هناك تعليقات: